كان واحد من الذين وقفوا في وجها لاسلام والسلم بعنف قرابة عشرين عاما لم يتوقف خلالها عن تقديم الاذي للرسول ( صلي الله عليه وسلم ) وللمسلمين ؛ وعندما قذف الله عز وجل فيقلبه الايمان ؛ ندم على كل لحظة قضاها بعيداً عن نعمة الحق ؛ والصراطالمستقيم ؛ واخذ يسجل في صفحات حياته الجديدة اعمالاً تتسم الصدق والاخلاصوينفق من امواله في سبيل الله عز وجل وفي سبيل الشهادة .. وعبر عن صدقنيته اصدق تعبير فنال درجات الشهداء ؛ ومنازل الخلود . فالاسلام يجبّ ماقبله ؛ والمهم هو لحظة التغيير والدخول في الدين ؛ والاذعان للخالق المولي؛ وقطع كل العلائق مع ماضي الجاهلية ؛ وتبديل ذلك اعمالاً صالحة ؛ وسلوكاًحسناً
انه الصاحبي الجليل عكرمة ابنابي جهل الذي يصدق عليه قول الحق .. ( تخرج الحي من الميت ) فلقد كان ابوه( ابوجهل ) صاحب القلب الميت الذي لم يعرف الله يوماً ولم يؤمن به ابداً ؛وعلى الرغم من هذا يخرج الله من صلبه ذلك الصاحبي الجليل صاحب القلب الحيالذي جاء اسلامه متأخراً ؛ ولكنه اراد ان يبذل الخير ؛ وان يجود بنفسهوماله في اللحظات الاخيرة من عمره ؛ وك؟أنه في سباق مع الزمن ليعوض مافاته من الخبر مع رسول الله ( صلي الله عليه وسلم ) ..
:: رحلة مريرة ::
-وتبدا رحلة جهاد هذا الصحابي الجليل عندما نشأ في احضان هذا الأب الكافرالذي اخذ على نفسه العهد بعداوة رسول الله ( ص ) ومحاربته طاعة لابيه الذيكان يعتمد عليه في كل صغيرة وكبيرة
وجاء غزة بدر فدخلها عكرمة ؛ وكان ابوه قد اقام ثلاثة ايام ينحر الجدذور ويشرب الخمور .
وتعزفله القيان بالمعازف . وما ان بدأ القتال في تلك المعركة الفاصلة حتي قتلابو جهل على يد معاذ بن عمرو بن الجموح ومعوذ ابن عفراء واحتز رأسه عبدالله ابن مسعود - رضي الله عنهم - .
وعاد عكرمة الي مكة بعد ان ترك جثة ابيه خلفه في بدر ولم يستطع ان ياتي بها لدفنها في مكة
وهناك تغيرت الاحوال .. واصبحت عداوة عكرمة للاسلام ليست حمية لقومه ولدينه فحسب .. وانما ثأراً لمقتل ابيه في بدر
فاخذيحرض الناس من حوله على عداوة الاسلام والمسلمين .الي ان جاءت غزة احدفخرج عكرمة واخرج معه زوجه ( ام حكيم ) لتكون مع النسوة وراء الصفوف لتضربمعهن على الدفوف تحريضاً لقريش على القتال وتثبيتاً لفرسانهم اذا حدثتهمانفسهم بالفرار
وكانسيف الله المسلول خالد بين الوليد على ميمنة الجيش وعكرمة على الميسرة ..وقاتلا قتالا شديداً الي ان اخطأ الرماة من اصحاب النبي ( ص )
وفييوم الخندق لما اراد المشركون مهاجمة المسلمين واقتحام المدينة ؛ وجدواخندقاً عريضاً يحول بينهم وبينها ؛ فالتجأوا الي فرض الحصار على المسلمين؛ بينما لم يكونوا مستعين له حين خرجوا من ديارهم؛ اذ كانت هذه الخطة -كما قالو - مكيدة ما عرفتها العرب ؛ فلم يكونوا ادخلوها في حسابهم رأساً .
وقد دب الرعب في صفوف المشركين حتي اقتحموا من الخندق هاربين ؛ وقد بلع بهم الرعب الي ان ترك عكرمة رمحه وهو منهزم
:: قصة اسلامه ::
لماتسلل عكرمة هاربا من مكة الي اليمن مضت زوجته الي النبيوطلبت منه الامانلزوجها عكرمة بعد ان اسلمت بين يدي الرسول ( ص ) فاعطاها الامان لزوجها
فخرجت في طلبه فادركته عند ساحل البحر في منطقة تهامة ؛ فجاء به الي النبي ( ص ) فاسلم وحسن اسلامه .
:: عكرمة في صفوف فرسان المسلمين المهاجرين :
- سارعكرمة رضي الله عنه في ركب المجاهدين الفرسان المسلمين رضي الله عنهم ..واضبح واحداً من شجعانهم وعبَادهم فكان لايسمع بصنم في بيت من بيوت قريشالا ذهب اليه وكسره ..؛ وكيف لا يسرع الي ذلك وقد سمع منادي النبي ( ص ) "من كان يؤمن بالله فلا يترك في بيته صنماً الا كسره او احرقه "
: بعض المهام التي اسندت اليه :
* بعثهالنبي عام حجة الوداع الي هوازن يجمع صدقاتها فقام بعمله خير قيام وتوفيالنبي محمد ( ص ) وعكرمة يقوم بعمله على اكمل وجه .
* وقد اوكل اليه الخليفة ابوبكر الصدي ق رضي الله عنه عدداً من المهام ؛ وكلها تكللت بالنجاح
وكان لعكرمة في قتال اهل الردة اثر كريم ؛ حيث جاهد المرتدين من بين حنيفة
*ثم استعمله ابوبكرعلى جيش وبعثه الي اهل عمان ؛ وكانوا قد ارتدوا ؛ فرزقهالله النصر عليهم .. وعادوا الي حظيرة الاسلام وعاد الي المدينة وهو يحملبشار النجاح الي الخليفة ابو بكر الصديق
:: الشهادة في سبيل الله ::
- لما كانيوم اليرمو ك تقدم خالد الي عكرمة ابن ابي جهل والقعقاع بن عمرو ان ينشئاالقتال ؛ فبدرا يرتجزان ودعوا الي المبارزة ؛ وتنازل الابطال وتجاولوا ؛وحمي المعركة وقامت على ساق . فنادي عكرمة : " قاتلت رسول الله ( ص ) فيكل موطن ؛ وأفر منكم اليوم ؟ ! من يبايع على الموت ؟ "
فبايعه 400من وجوه المسلمين وفرسانهم ؛ فكان منهم عمه الحارث بن هشام ؛ وضرار بنالأزور ؛ فاستبسلوا وقالتلو امام فسطاط خالد ؛ حتي اصابتهم الجرح الشديدةفي كل مكان واتي خالد بعكرمة جريحا فوضع رأسه على فخذه ؛ وبعمرو بن عكرمةفوضع رأسه على صساقه وجعل يمسح عن وجهيهما ؛ ويقطر المائ في حلقيهما
فرضى الله عن شهيد اليرموك عكرمة بن ابي جهل
الذي قال فيه ابن كثير : يقال " انه لايعرف له ذنب بعد ان اسلم "
- قال عنه الشافعي : كان محمود البلاء في الاسلام . رضي الله عنه
قال ابو اسحاق السبيعي : نزل عكرمة يوم اليرموك ؛ فقاتل قتلاً شديداً ؛ ثم استشهد ؛ فوجدوا به بضعاً وسبعين من طعنة ورمية وضرية .
-وهكذا يجب على المسلم ان يستدرك ما فاته وان يبدأ صفحة جديدة كلها طاعةلله وتضحية وبذل وعطاء من اجل اعلا كلمة ( لا إله إلا الله ) .
فرضي الله عن عكرمة الذي سالت دماؤه على ارض الشرف والقتال .. تلك الدماءالتي لطالما امتزجت بحب الله ورسوله ( ص ) واشتاقت الي نصرة دين الله