الان نرى العالم يتحدث وبصوره كبيره عن الديمقراطيه وعن حقوق الانسان وحريته وعن تطبيق هذا كله ، ولكن هل هذا كلام فقط وان ما يتم فى هذه البلاد هو أبعد ما يكون عن الديمقراطيه ام انه الديمقراطيه الحقيقيه .
حتي لا نتسأل كثيرا ً بدون جدوي دعونا نتعرف علي حقيقية الديمقراطيه من خلال حسام وأسرته .
حسام هو تجسيد حي لوضع مصر الحالي ووضع دول كثيره مثلها ، وانتقالها من النظام الدكتاتوري الي النظام الديمقراطي ، لذلك دعونا نتعرف علي حسام وعلي طريقه تعامله مع اسرته في دكتاتوريته ، ونتعرف معا ً علي الاسباب التي دفعته لتغير سياسته وما هي سياسه الديمقراطيه التي اتبعها ...
تبدأ احداث قصتنا مع عوده حسام الى منزله وهو فى حاله يرثي لها ، وذلك لمعرفته بالشجار الذى سيدور بينه وبين زوجته مريم ، ذلك الشجار الذي بدأ منذ سنوات ولم ينتهي حتي الأن ...
مريم : انت جيت يا حسام ؟
حسام : ايوة جيت ، اومال خيالي الي جه ! عملت أكل ؟
مريم : حاضر ثوانى وهطلعوا على السفره .
وبعد الأكل ...
حسام : اعمل ِ بقي كوبايه شاي .
مريم : شاي كمان انا زهقت بقى من الحكاية ديه ، مش معقول كل حاجه علي !
حسام : انتِ بتبرطم ِ تقول ِ ايه ؟
مريم : مش معقول كل حاجه انا الى اعملها فى البيت وانت ترجع كل يوم من الشغل تقعد تتفرج على التلفزيون وبعدين تنام .
حسام : اومال انا الي هعمل شغل البيت ولا ايه يا مدام ! ده الي ناقص كمان الرجاله تقف في المطبخ وتقعد تحضر الأكل .
مريم : وفيها ايه لما تساعدنى فى المطبخ ، هو حرام انك تساعد مراتك في شغل البيت !
حسام : ايوة طبعا ً حرام ، لأما يكون حيلي مهدود طول اليوم في الشغل عشان اجيبلكوا الاكل ، وأما ارجع اعمل الاكل كمان . ده يبقي افتري .
مريم : انا ما قلتش اول ما ترجع ، بعد ما تاكل وتستريح شويه .
حسام : طيب ولما انا الي اعمل الأكل انتِ هتكون لزمتك ايه ؟ ولا انا هخدم عليك يا هانم !
مريم : والله انت متجوزني خدامه اطبخ وامسح واكنس ولا ايه ؟! الجواز شركه بين شخصين ، مش شخص يتحكم في الشخص التاني .
حسام : طيب ما هو عشان شركه انا بعمل الي علي في الشغل ، وانتِ المفروض تعمل ِ الي عليك في البيت .
مريم : طبعا ً ما انت مش حاسس باى حاجه ، انت ليك شغلانه واحده فى الشغل وانا من حقى يبقى ليا حاجه واحده .
حسام : انتِ فاكره ان الشغلانه ديه بالساهل ده انا بيطلع عيني عشان اجيبلوكم القرش ، وانتِ هنا قاعده طول اليوم جنب التلفزيون وتحت المروحه ومش حاسه بحاجة .
مريم : وانا هنا بيطلع عينى عشان اربيلك الاولاد ويطلعوا كويسين ، اولادك يا بيه الي ما تعرفش عنهم حاجة ، ولا بتتكلم معاهم خالص .
حسام : انتِ عشان بتعمل الأكل وتوضب ِ الشقة تنكدي علي كل يوم ، وتقعد ِ تقول ما انا بتعب في تربية الأولاد ، انا مش ناقص صداع أكتر من كده انا هدخل انام .
مريم : ده المتوقع ، اخر الحوار بيكون كده .
حسام : اعملك ايه بس ما انتِ اما بتصدق ِ ارجع من الشغل وتقعد ِ تشغل الاسطوانه المشروخه بتاعت كل يوم .
مريم : نفسى تحس بيه شويه وتحاول تتغير .
حسام : انا برده الي اتغير ! بطل ِ تسمع لأمك شويه وركز ِ في تربية ولادك .
مريم : انت الي ركز شويه مع ولادك .
ترك حسام زوجته مريم تتحدث وذهب للنوم ، وفي اليوم التالي ذهب حسام الي عمله وترتسم علي ملامحه الكائبه الشديدة ولاحظ صديقه عُدى هذا ...
عُدى : مالك يا حسام كل يوم تيجى زعلان ليه وباين عليك مضايق أوي ؟
حسام : مراتي يا سيدي ! كل يوم تنكد علي ، وكل يوم تقولي انت مش بتساعدني في البيت وبترجع تنام وما بتعملش حاجه معايا في الشقة .
عُدى : ليه كده ؟
حسام : ما اعرفش ! انا زهقت بجد منها ومن الحياة كلها .
عُدى : للدرجه دى ، هدى نفسك انت بس ، واكيد هتلاقى حل .
حسام : حل ايه بس ! انا كل اما اقولها علي حاجة ما بتنفذهاش ، ودماغها متربسه ما بتسمعش غير نفسها ، بتضطرني ساعات اني اضربها .
عُدى : لاء غلط عمر ما العنف كان الحل ، ده بالعكس هتعند أكتر معاك ، انت بس حاول تخدها علي قد عقلها ، وتحسسها انك بتنفذ كلامها بس في الحقيقية انت بتنفذ كلامك .
حسام : يعني اعيشها الوهم .
عُدى : اة بالضبط ، وجرب ومش هتخسر حاجه .
حسام : بس انت عارف ان الحكاية ما نفعتش هعمل فيك ايه ؟
عُدى : جرب وما تخفش يا عم .
حسام : ماشي هجرب .
وفور عوده حسام الي المنزل بدأ في تنفيذ أقتراح عُدى ...
حسام : مريم ، انتِ لسه زعلانه ؟
مريم : من ايه ولا ايه بس !
حسام : انا عارف اني زعلتك كتير ، بس ده غصب عني عشان ضغط الشغل علي كبير أوي .
مريم : انا كل الى نفسى فيه انك تقعد مع الاولاد وتعرف حياتهم ماشيه ازاى ، وتقعد تتكلم معاهم مش يا دوب كل صلتك بيهم الفلوس وبس .
حسام : ماشي ان شاء الله هقعد معاهم ومعاك يا جميل .
مريم : ياريت . بس يا تري ايه سر التغير المفاجئ ده ؟
حسام : أصل انا بعد اما خلصت الشغل النهارده وانا فى طريقى للبيت شوفت المطعم الى اتقابلنا فيه اول يوم ، وافتكرت ذكرياتنا والايام الجميله الي قضينها مع بعض ، واتمنيت ان الايام دى ترجع تانى .
مريم : يااااه ، يا حسام كانت ايام جميله ، تفتكر انها هترجع تاني ؟
حسام : ان شاء الله هترجع تاني ، انا بس الفترة الي فاتت كنت مقصر أوي معاك ، بس انتِ عارفه ان ضغط الشغل علي شديد . بس انا عارف انك مالكيش اي ذنب ، وعارف انك استحملت ِ كتير ، بس ربنا يقدرنى واقدر اعوضك.
مريم : وانا عارفه اني انا كمان كنت مقصره معاك ، وكنت علي طول بضغط عليك وبحملك اكتر من طقتك ، بس ده كان من عشمي فيك .
حسام : انا عارف يا حبيبتي ، وان شاء الله الايام ديه مش هترجع تاني ، ونقضي باقيه حياتنا في سعاده .
مريم : ان شاء الله يا حبيبى هتبقى ايامنا كلها سعاده .
وشعر حسام ومريم في ذلك اليوم بسعاده افتقدوها لسنوات كثيرة . وذهب حسام في اليوم التالي سعيدا ً الي زميله عُدى يبشره بنجاح اقتراحه .
عُدى : شكلك مبسوط النهارده يا حسام ، شكل طريقتى نجحت ، صح ؟
حسام : ايوة ، ياااة ده انت عبقري ، كان فينك من زمان ! من فترة كبيرة ما حستيش بالسعاده الي حستها امبارح .
عُدى : اى خدمه عشان تعرف بس معزتك عندى .
حسام : الله يخليك يا عُدى .
عُدى : اة صحيح في حاجة انا نسيت اقولك عليها المرة الي فاتت .
حسام : ايه هي ؟
عُدى : انك لازم تحقق لها اى حاجه من الى قلتها عشان ما تحسش انك بتاع كلام وبس وترجع تعند معاك من تاني .
حسام : ماشي انا هجرب ومتأكد ان التجربة هتجيب نتيجة ان شاء الله زي المرة الي فاتت .
عُدى : ابقى قولى ايه اخبارك ، ولا اقولك اكيد هيبان مش شكلك .
حسام : اكيد هقولك يا جميل .
عندما عاد حسام الي البيت حاول ان يجد شئ ليقوم به لكي تعلم زوجته انه لا يتكلم فقط ولكن يعمل ما يقوله ، ولكنه وجد ان كل شئ مرتب والطعام معد . فجلس علي الكرسي وهو يفكر ماذا يفعل ، واثناء تفكيره وجد ابنه الاكبر يدخل من باب الشقة ، فتذكر ما قالته زوجته له وحثها الدائم له علي التقرب من الأولاد ، ففكر ان ينفذ الخطه التي اقترحها عليه عُدى مع ابنه الكبير شهاب .
فلما دخل شهاب علي والده وألقي عليه السلام ثم اتجه الي حجرته ، نادي عليه حسام ...
حسام : تعاله يا شهاب ان عاوز اتكلم معاك شويه .
شهاب : في حاجه يا بابا ؟
حسام : عاوز اتكلم معاك شويه عشان بقالي فترة كبيرة ما اتكلمتش معاك . تعالي اقعد جنبي .
شهاب : حاضر يا بابا ، خير كنت عاوز حاجه ؟
حسام : ايوه كنت عاوز اشوف احولك في الجامعة ، واعرف انت عامل فيها ايه .
شهاب : الحمد لله ماشى فيها زى كل سنه .
حسام : طيب الحمد لله ، واخبار محاضراتك ايه ؟
شهاب : كويسه بحاول انتظم فيها .
حسام : بتحاول ؟ ليه هو انت فيه حاجة شغلاك الايام ديه عن المحاضرات ؟
شهاب : بصراحه اة .
حسام : وايه بقي الي شغلك عن الدراسه ؟
شهاب : أتكلم معاك بصراحه ، ولا هتتخانق معايا وتزعق لي زي كل مرة .
حسام : لاء ما تخافش يا شهاب ، ده كان زمان ، وانت مهما قلت دلوقتي انا مش هضايق ولا هتنرفز ، لأنك ابني وانا بحبك وانت سندي في الحياة ، وانا اما كنت بتخانق معاك في ده كان من خوفي عليك مش أكتر ، بس انا دلوقتي اتغيرت وعرفت ان عمر الخناق ما بيجيب نتيجه ، فاتكلم يا بني وما تخافش .